الجمعة، 9 نوفمبر 2012

أرضيتنا التأسيسية: فاتحة وتعريف:

                                         باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على محمد
                                                وعلى آله والصحب
شعار المدرسة : 
                                  بالعلم حرية العقل
                                       وبالإيمان حرية القلب..
                                         وبالله حرية الروح.
                                          وإلا فلا حرية. :
ديباجة :
أصبحت القطيعة اليوم بين الإسلاميين ومشاريعهم الإسلامية عادية ومقبولة.. وذلك: نظرا لإكراهات الوقائع السياسية في جل بلدان عالمنا الإسلامي:
 لكن الخطر الأكبر يتجلى في: إنسياق العديد من مفكري الإسلام مع هاته الواقعية: لحد تبريراتهم العقلانية والمنطقية لهذا التراجع والإنكفاء : مما سيصنف /لا قدر الله/ كل الفكر الإسلامي مستقبلا ضمن الطوباويات والمثاليات اللامقبولة واقعيا..
فقد كثر سواد أحزابنا الإسلامية /إن صح النعت/:بمواعظهم الإيمانية ومبادئهم ومشاريعهم وتدينهم: التي سرعان ما انقلبت وللأسف:لعلمانوية وعلموية وإسلاموية مجنونة :وهم يتسلمون الكراسي السياسية... وبارتجالية عشواء :سرعان ما بدأت بإجهاض كل البديل الإسلامي : ما لم ينادى ببعض علومه غربيا : كتنزيلهم العلماني حاليا: لبعض خصائص إقتصادنا الإسلامي :  
وقد كان آخر أمل لنا في ربيع العرب مصر:لكن مكائد المتغربين فيها وكذا كثافة المتأسلمين فيها وإسلامويتهم الشاردة  سرعان ما أفلحت في وءد كل المشروع الإسلامي ، ليبقى الأمل الأزهر الشريف، والأزهر وحده فكل الجامعات الإسلامية العليا..
ولهذا سيبدو لكم مشروعنا هذا: مجرد قناعات مثالية بعيدة كل البعد على كل الواقع السياسي العالمي والعربي: 
ونحن واعون كل الوعي بهاته المعضلات : 
لكن مهمتنا تنحصر في التنظير المبدئي :
 فمهمة المفكر الإسلامي التنظير لما ينبغي أن يكون إسلاميا : أما مهمة السياسي فتفعيل ما يمكن أن يكون:وبكل مبدئية إن كان حقا مصلحا..
وقد كان الأمل: فلاح الأحزاب الإسلامية الصاعدة اليوم : في زرع بدور مذهبينا الإسلامية على المدى البعيد: 
الرجاء الذي سرعان ما تبخر أمام العقل المعاشي لمعظم المسلمين  ...:
لنزداد تأكدا بضرورة /المناداة علميا وتربويا/ بكل بديلنا الإسلامي: وبتنظير مستقبلي يكاد يكون كل رجائه العالمي محصورا: في إمامنا المهدي عليه السلام :
إذن: /وبهاته المعضلات المتشابكة/ : وبكل مسوداتنا العرفانية هاته :نتدافع فكريا : 
وما علينا سوى التنظير المبدئي: لعلنا نساهم في ترشيد عملنا الإسلامي مستقبلا:
وذلك :عبرالمناداة تدريجيا :بالأنسنة:
وبالقرآن الكريم كله كإمام..
وكل السنة  كمأمومة :
لا العكس:
فمنهج  أهل الحديث له مجالاته الفقهية سلفيا ..
أما الفكر الإسلامي فتتنوع مناهجه التجديدية:
و: كل يعمل على شاكلته: 
واختلاف مناهجنا الإسلامية إختلاف تنوع وتكامل :لا خلافات تضاد:كما واقعنا:
 أما مستقبلا ف :لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا:.    
  تعريف المدرسة :
تسعى المدرسة لكل ما يهدف له كل الإسلام وهي:

1/فكرية إصلاحية:
 لأنها ذات مشروع علمي لإصلاح الفرد والمجتمع والأمة والإنسانية جمعاء كما ديننا الحنيف.
2/قرآنية :
لأنها تجعل مشروعها الحضاري الكامل هو القرآن الكريم تحت فقه لها سمته : فقه العمل بالقرآن الكريم ..إذ رأينا بأنه لا مناص من تفسير عملي للقرآن الكريم بكل العلوم الحقة المستجدة :
 فالقرآن سنيا وبكل علمية: مشروعنا الحضاري الكامل..وكل ما دونه من مشاريع تبقى جزئية.... لكن وأنا أنجز أولى أحزاب ( التفسير العملي للقرآن الكريم ) ذهلت وأنا أرى فيها سماوات وسماوات وسماوات حيرتني بل وجعلتني أجزم بأننا لو طبقنا عمليا فقط (بعض أحزاب قرآننا الكريم) لسعى كل الكون يحدثنا كما العديد من الأنبياء والأولياء عليهم السلام .. مما جعلني أنادي بالإكتفاء بالعمل السني المبسط لكل العمل القرآني .. لكن مع النداء بضرورة الدراسة الإيبيستيمولوجية لكل القرآن كفريضة للتقدم العلمي والفكري في كل المجالات ... فهناك أسئلة مستقبلية وحتى في العلوم المادية الحقة لن تحل مستقبلا دون إشارات من القرآن الكريم .. ولله الحمد.

3/سنية :
إذ تبني المدرسة فقهها وفكرها على هدى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام .لكن السنة في مفهومها ليست منحصرة في علوم الفقه والحديث بل :السنة النبوية اليوم متفرقة بين فقه الفقهاء والمحدثين وفكر المفكرين الإسلاميين وحكمة العرفانيين..ولهذا كانت السنة في مفهومنا هي إتباع الرسول صلوات الله عليه لا في أقواله وأفعاله وتقريراته فقط كما يرى الفقهاء بل وكذلك في أحواله الإيمانية ومحاولة التقرب من نظرته الوجودية الكاملة. بل والسنة متجددة وغير ثابتة قرآنيا : لأن القرآن الكريم يدعوا :
للتدبر فيه
والتفكر في الكون
والتسنن بالحديث والسيرة
وأخذ العلوم والحكمة أنى تكن
وهذه فقط بداية الفكر الوجودي للرسول صلوات الله عليه أخي المفكر المومن.

4/ سننية :
لإيمانها بأن الكون قرآن منظور يجب على المسلمين تأمله باسم الله تعالى كعبادة:
ولهذا فإنها لا تحصر العلوم الإسلامية في بضع شعب فقهية كما حالنا اليوم ..
بل العلوم الحقة كلها علوم إسلامية.. والميزان الحق لكل العلوم هو عقل الحكماء المسلمين: كل في إختصاصه وبتفتح على كل الخبراء والعلوم ..لذا تنادي بتطعيم كل العلوم بآيات الله تعالى وأحاديث الرسول صلوات الله عليه وبنقد إسلامي بناء ومساهمات علمية إسلامية في كل ميادين البحث الإنساني والكوني :
كما أثبتت ذلك شعب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ..وأطروحات فقه الأسلمة...

5/تدافعية :
حيث تسعى للتدافع سلميا  وبكل علمية لتطبيب كل المشاريع الضالة والمدارس الفكرية الغربية المهيمنة على كل العقل العالمي بعلوم مأدلجة ومغلوطة ..
فجل العلوم التي تدرس في كليات الآداب والعلوم الإنسانية والقانونية والإقتصادية علوم قاصرة بالمنظور الإسلامي وتحتاج لأسلمة علمية حكيمة ورزينة...فترى المدرسة بأن /المستقبل للعلوم الحقة والأخلاق الفاضلة/ وبأنهما سيمثلان ركيزتي كل التطور الحقيقي مستقبلا :
ولذلك تتدافع بمشروع تربوي علمي حضاري يسعى للكمال باسم البرهانية الإسلامية المومنة بالنقل بالعقل.

6/حضارية :
وذلك بمزجها بين الأصالة والمعاصرة ..فلا تجمد الفكر الإسلامي فيما مضى فقط ..
كما لا ترفض كل الثرات الإسلامي ..بل تومن بالحضارة الإسلامية التي ليست هي الحضارة العربية فقط كما يظن البعض ..
بل الإسلام ساهم منذ زمن البعثة الشريفة في بناء كل الحضارات الحديثة ولا يزال لحد الآن يساهم في تقدم الإنسانية جمعاء ..لذا :فكل حسنات الحضارة القائمة اليوم بقيمها المادية والأخلاقية على السواء: إنما هي من آفاق بل وأسس العلوم الإسلامية/: والتي كانت وسيطا جادا في نقل الحضارات القديمة وتجديدها نحو الحضارات الحديثة. بل وكل الأنبياء عليهم السلام ساهموا في بناء كل الحضارات الإنسانية ولم يكونوا أئمة تبرك وصلوات كما يفتري الكثيرون... بل ولولاهملنست الإنسانية حتى لغاتها ولما كان كل هذا التقدم .. بل ولو أطاعتهم الإنسانية لتغيرت الأرض غير الأرض من زمان..

7/وحدوية :
 إذ تحاول العمل علميا لوحدة الفكر الإسلامي رغم تشتت فقه المذاهب..
وترى أن الوحدة الإسلامية لن تكون بتوحيد المذاهب والرؤى ولا الكتب والفكر بل :
- بالوحدة على العمل بالقرآن كله سنيا
- باحترام الإختلاف بين المذاهب دون خلاف
- وبقبول الآخر مهما يكن مذهبه
فالمذهبية الإسلامية وحدوية لا واحدة ..

8/عرفانية: 
لإيمانها بالحكمة والتربية الروحية العرفانيتين لحد تدريسهما... بل وفتح ملتقانا للتربية للتربية الروحية على :
assamae.blogspot.com 

9/ تعليمية :
 لأنها تسعى:لبناء وتجديد العقل المسلم بكل أصالة ومعاصرة وتدافع:
وذلك عبر مقررات إعدادية وثانوية وجامعية واختصاصات إسلامية:/ لا تدرس رسميا ..

10/تربوية :
حيث تسعى لتزكية نفوس الطلبة عبر حثهم على كل مكارم الأخلاق القلبية أولا ..ثم الإلتزام بكل أوامر ونواهي السنة الشريفة والقرآن الكريم.وبالتربية الروحية كباب كبير من أبواب الدخول في الإسلام بكل شمولية.. دون إهما التنشئة الإجتماعية كلها عبر كل قنوات المجتمع المدني .. وخصوصا بعد كارثة الأحزاب الإسلاموية والتسلفية التي حررتنا من كل عقد الإسلام السياسوي ولله الحمد.. ولا أقول السياسة الشرعية للإسلام ولا الإسلام السياسي التي لم تكن أحزابه في مستواه لا مشروعا ولا جمهورا..


11/إنسانية :
لأنها تومن بأن الإسلام جاء لسعادة ورخاء كل الإنسانية إن  إلتزمنا به بكل علمية ومهما كفروا بالله ورسالاته سبحانه: وبالتالي فهو يأمرنا باحترام كل الناس إلا من ظلم :
بل وبالديانات الربانية جميعها وصلت الإنسانية لكل هذا الرقي المادي والمعنوي معا .. بل ولحد ندائنا بخدمة كل ( الأمة الإنسانية ) لا الأمة الإسلامية أو العربية فقط.
بل والأنسنة بكل الإسلام العلمي والتربوي للحفاظ جهدنا على فطرتنا الإنسانية سليمة وعلى سلامة فطرة كل الناس: مهمتنا الأولى ..
فنحن مدرسة إسلامية ذات بعد إنساني عام كما ديننا الحنيف ولله الحمد..


12/ إقتصادية :
إذ تنادي المدرسة بحل كل أزماتنا :
وبحل معضلات الفقر أولا :
عبر كل إملاءات شريعتنا الغراء  وإقتصادنا الإسلامي.
وللتعمق أكثر أدرس مسودات كتبنا والتي كلها ولله الحمد عملية على :

موجز أهداف مدرستنا:

 كل موجزنا :
سعي المدرسة لكل ما يسعى له سنيا ديننا الإسلامي الحنيف:
 من تقدم مادي..
 وصفاء قلبي وروحي وفكري  ... : 
وإستقرار إجتماعي وطني وإسلامي فإنساني عام.
وذلك بمساهمتها في ترشيد المذهبية الإسلامية عبر:
تدريس كل العلوم الإسلامية المستجدة وبتركيز كبير على كل العلوم العملية أولا وخصوصا: 
- فقه العمل بالقرآن الكريم .
- الفقه الحركي .
- والتربية الروحية.  
ثم بمشاريع إسلامية عديدة .. 
وشراكات جمعوية مدنية ميدانية ..
وكل هذا للمساهمة في :
تكوين مفكر إسلامي حضاري: 
ملم بكل أسس مذهبيته الإسلامية وآفاقها ..
ومؤهل لكل تدافعات الحاضر.. وكل تحديات المستقبل:
وبهوية إسلامية ثابتة.. :
فعلا حضارية ..
وفعلا موقنة بكل البديل الإسلامي: كمشروع حضاري إنساني مستقبلي...
لكل السعادة وكل الخير وكل الرقي والسلام.
والله أعلى وأعلم.

مبادئ تدافعنا الحضاري


نعني بالتدافع /السلام الإسلامي : ذلك التدافع المنشود للأمة الإسلامية حضاريا وبطليعة المنظرين الكبار ليقظتنا الإسلامية : وذلك بهدف المساهمة الفاعلة في نشر كل قيم الرخاء المادي والأخوة الإنسانية والقيم الإسلامية كلها في العالم : وبكل المناهج التي يبيحها ديننا الحنيف :دون اقتصار على جهاد دون جهاد أو منهاج دون منهاج : فغنى الإسلام متميز بتنوع مناهج كل مدارسه الإصلاحية لحد إختلاف حتى مذاهبه الفقهية السنية والشيعية : والأمل يبقى مساهمة مدرستنا كباقي المسلمين في دعوة كل الناس لكنوز إسلامنا الحنيف:
ولهذا الجهاد السلمي الذي ننشده العديد من الركائز التي دونها لن يقوم أبدا:
فالعالم معقد بل وإشكاليتنا عقدة من آلاف الإشكاليات ذات الملايين من المشاكل الفردية والإجتماعية والمجتمعاتية والدولية بل والكونية: لهذا فلن نفك هاته العقد بدعوة بسيطة لفقه الحلال والحرام فقط ولا بالتسلق السياسي فقط : بل لا بد من تنظير شامل يسعى لوضع اللبنات الأولى نحو مشروع حضاري لأمتنا ليست الإسلامية فحسب بل كل أمتنا الإنسانية : ففي المستقبل ستدوب حتى الدول الكبرى كما دابت القبائل سابقا:
فالتنظير يجب أن يكون إنساني المبدأ ثابث القيم لكن بمرجعية دوما إسلامية: محتاطين دوما من قبول كل المصطلحات الأجنبية في تنظيرنا بكل عبقرية : فقبول مصطلح واحد ربما سيهدم مستقبلا وبدون وعي منا كل هذا المشروع :
ولهذا يجب أن نحارب العديد من المصطلحات كما نحارب إبليس شخصيا:  فبعض مصطلحات المذاهب الغربية يجب أن نأخذها   بنسبية :لأن حقها دوما يغشاه ضلال باطن : 
فتفنيد المصطلح بات أول عملية يجب قيامنا بها : ولهذا بات على كل من منظرينا دراسة فلسفة لغتنا العربية لتكون لهم قوة بالغة في منطقها: فمنطق اللغة العربية من أكبر قوانا المستقبلية : فمجرد الشرح اللغوي لأي مصطلح يعطيك عربيا عنه كل عيوبه :
والحمد لله الذي أمدنا بهاته القوة : فلم ننسق مع الواقعية المستدرجة نحو الصهينة : ولا مع الرجعية الرافضة للتقدم : لنتشبت بأساسين:
العلمية الحقة : والتي تقرأ جميع أوجه المواضيع لحد فلسفة لغتها
المبدئية الإسلامية : التي ستكون الإنسانية مستقبلا بل ومصيرا أحوج لها من الطعام والشراب.
فهاته مجرد إشارة لمنظرينا الكرام:
ولكم بعض النصوص الجامعة للعديد من مبادئنا التي سنلخصها مستقبلا في بنود بسيطة حتى يستطيع أيا كان تطبيقها بحول الله تعالى وبركاته آمين:
 

المبدأ الأول ـ الإسلام طبيب لنا وللإنسانية جمعاء ولكل حضارة العصر :ومن صفة الطبيب العلمية والحضارة والحكمة، والأخوة لكل الناس ما سالموا مهمته النبيلة..ولن تتم لنا هاته الوظيفة دون تطبيق لفقهنا كله أولا ووعي بفكرناكله ثانيا وإبراز لتميز حضارتنا ثالتا ثم إلمامنا بكل علوم العالم ما استطعنا..وهاته من مستلزمات التجديد الحضاري الذي يجب أن يغمسنا في عبودية الله بالقرآن كله..لا التجديد الذي يخدم الدنيا باسم الدين بوءد كل مميزات الخطاب القرآني..والغاية تبقى دوما إقامة العبادة بكل حضارة..لا التحضر الذي يلصقنا بالدنيا ككل الحضارات المغايرة ولو باسم الإسلام...أو المذهبية التي تحصرنا في زنزانة جماعة أو حزب أو زاوية معينة دون تفتح على الشمس وفتح لكل النوافد..

المبدأ2 ـ وإن من تيسير الله علينا في معالجة الأمور، أن جعل الشريعة الإسلامية التي أكرمنا الله بها شريعة فطرية في مبادئها منطقية في أحكامها قادرة على استيعاب مراحل التطور بأجمعها مستجيبة لحاجيات المجتمعات على اختلاف مستوياتها وأحوالها صالحة للتطبيق في  كل عصر وجيل.....


3ـ وإن الحضارة هي التغيير المستمر للعالم ، و هي فن العمل والسيطرة، وصناعة الأشياء صناعة دقيقة ،وإن حامل الثقافة هو الإنسان، وحامل الحضارة هو المجتمع،ومعنى الثقافة القوة الذاتية التي تكتسب بالتنشئة ،أما الحضارة فهي قوة على الطبيعة على طريق العلم، ووسائل الحضارة هي العلم واللغة والكتابة.. 


4 ـ والحضارة سر الله في حصول العلم والصنائع..ــوازدهرت حضارتنا ــ بحصة من العلوم والصنائع لا تنكر ...فهي ـ ـ ينبوع العلم والصنائع .ـ.فهي ـ غاية العمران ونهاية لعمره.


5ـ  وإن مقياس الحضارة ومقياس التطور ليس فيما يصنعه العقل البشري من مصنوعات مادية وليس فيما يهتدي إليه من علوم، ولكن في طريقة تأثره بذلك كله، ومدى ارتفاعه أو انخفاضه في مقياس الإنسان الذي يختلف عن مقياس الحيوان.. إنما التغيير الحقيقي هو الذي يأتي من داخل النفس..من أفكارها .. من مشاعرها.. من نظرتها إلى ذاتها.. وإلى ماحولها..من تحديدها لمهمتها وأهدافها ..من تقديرها لدورها ومركزها..هذا هو التغيير الحق : وليس السيارة أو الطائرة أو الحمار.


6ـ و إن منهج النبوة الذي غدا منهج حضارة هو الذي تميزت به حضارتنا عن غيرها ،وهذه المعالم التي تميزها هي ذاتها معايير التجديد لهذه الحضارة عندما يصيبها الجمود،وهي ضوابط النهضة لها إذا عدت عليها عوادي الإنحطاط.


7ـ وأصول الأزمة الحضارية في واقع المسلمين : يمكن إجمالها في كبائر الإثم التالية :
1 :التغريب 2 : التجزئة 3 : استبداد دولةالتجزئة
4 التبعية 5 :الإستسلام للتحديات الصهيونية.


8ـ  وإن هذا التصدع في جسم الأمة على مستوى الأنظمة وعلاقتها بمجتمعاتها الأهلية وعلى مستوى المجتمعات الأهـلية نفسها..وفي المجال الإسلامي العالمي وفي المجال القومي العربي، إن هذا التصدع والتناحر والتنابذ هو انتحار ذاتي وإجهاز على الذات وعلى مكوناتها وعلى إمكانات الصمود أمام المشروع الصهيوني الإستعماري فضلا عن التصدي له..ويبدو أن مواجهة الواقع الدولي بهذا الواقع هو محاولة ميؤوس من نجاحها وتبدو نذر الهزيمة والإنكفاء واضحة للعيان..إن نجاح مواجهتنا يتوقف على تركيب بنيوي جديد لكل القوى..إن المعركة طويلة ومساحتها العالم الإسلامي كله ولا يمكن أن يكتسبها فريق واحد وحده إنها معركة الأمة الإسلامية ولا بد أن تخوضها بكل قواها وسيكون لها النصر بإذن الله إذا وفرت شروط النصر.


 9ـ  فلقد سعى الغرب إلى فرض رؤيته الخاصة ومعاييره الثقافية على باقي الشعوب،معمما عليها نمطـه الخاص في التفكير والسلوك، وذلك دعما لهيمنته الثقافية في ظل هيمنته الإقتصاديةالمتمثلة في السيطرة على رؤوس الأموال والأسواق التجارية والشركات العالمية، وهكذا يصير النظام الثقافي الجديد عبارة عن الخصوصية الثقافية للغرب معممة على غيره من شعوب العالم، مما يفضي حتما إلى تجريد الإنسانية من التنوع الثقافي والتعدد الحضاري الذين تنبني عليهما الخصوصيات التي تتميزبها هاته الشعوب وتستمد منها عناصر طاقاتها ومعاني وجودها وأسباب عطائها.


 10ـ  لكن كلما انحصرت إشكاليات النهضة »الإسلامية » في طلب زحزحة الغرب من موقعه طمعا في احتلال هذا الموقع :صار الغرب يمثل سقف طموحنا فضاقت سبل الإبداع أمامنا وصرنا نذكر مقاصد غيرنا في الكون،وسهل علينا اقتباس وسائل لاتخدم مقاصدنا.. وإن  الإعتراض على العولمة هو في جوهره اعتراض على أصولها الميتافيزيقية،وتعبير عن رغبة صادقة في الخروج من تاريخ الغرب، هذا التاريخ الذي يعتبر محق الغيب ونفي الطبيعة شرطين أساسيين من شروط تحققه..وحري بالعقل الذي يسلم بالحقيقة القرآنية أن ينتفض ضد كل عقل يدعي التأسيس لوجود ولتاريخ مطـلـقين، حتى يتمكن من دعوة البشرية الحائرة إلى التاريخ المطلق الحقيقي الذي لايتجسد في تجربة حضارية واحدة معينة..وإذا كان لا بد من الصراع لزم أن يستعد العقل العابد للتصارع وفق مقتضى الوحي.


11ـ  لكن علينا أن نرفض تحويل الدين إلى شيطان، فإذا اعتبرنا الدين خطرا فإننا سنصل إلى إدانة كل موقف ديني..وهنا سنسقط في التمامية الملحدة..ولكن الخطر الحقيقي لايأتي من الدين بل يكمن في النذالة البشرية.


12 ـ وتملك حضارة الإسلام المقدرة على تحويل الوسط الذي تمتد إليه وتزدهر فيه، وتهيء أحوالا للحياة يحسدها الكثير من معاصرينا :حتى أولئك الذين يعيشون في أكثر البلدان تقدما.. فوق ذلك يضفي طابعها الروحي مناخا مقدسا يؤكد معنى عميقا لحياة المجتمع .. وقد تعددت العلوم في الحضارة الإسلامية .. وقدأبدى المسلمون في عصورهم العظيمة نهما كبيرا بالعلم .. ولم تنفصل العلوم المختلفة في الحضارة الإسلامية ،بل اتصلت في وحدة عضوية.. وأظهر العالم الواحد عبقريته في علوم عديدة .. لكن ماذا بقي من هذه الحضارة العظيمة المتوازية والمتناسقة والنقية؟ والتي بالإضافة إلى تعريفها للمرء جمال العالم هيأت له كل الفرص لتحقيق ندائه الباطني بالسمو والإرتقاء.


13 ـ وإن موروثنا الحضاري ليس مجموعة أجزاء مبعثرة ،وليس مجرد وحدات مستقلة بذواتها : إنه « نسق فكري وإبداعي محكوم بمنظومة قيمية وعقدية » وهذا ما يمكن تسميته « بالأصولية الإسلامية »وهذه المرجعية الأصولية كمبدأ..هي الثابت الذي يجب أن نراهن عليه لبناء حاضرنا والتخطيط لتطلعات مستقبلنا...لكن.. :إن رغبتنا الملحة في التخلص من هيمنة المرجعية الغربية ينبغي ألا تسقطنا في هيمنة المرجعية الثراتية .


14ـ  وثمة في معرض إعادة بناء الفكر السياسي مهمة لامناص من إنجازها وهي كسر احتكار تمثيل الأمة الذي يزعمه لنفسه كل تيار من تيارات السياسة والفكر السياسي في الوطن العربي والذي يعبر عنه بالقول بامتلاك البديل الشامل.


15ـ  ومن الملاحظ أن هاته التيارات « الإسلامية » من خلال وظيفتها المحدد ة في المواجهة لـ : « الإستعمار أو الدولة الحديثة » لاتفلح في غير ذلك ، فبنيتها لاتشتغل إلا إذا تم تحريضها من الخارج، بمعنى أن نشاطيتها مرتبطة بالإستفزاز والتحدي. فالوظيفة هنا تنحصر في رد الفعل : فهي إذن وظيفة هدمية :لذلك نجد هاته التيارات تصل أوج فعاليتها في أجواء الشدة والتأزم، ولكن بمجرد أن تنفرج الأوضاع ويغيب مصدر الإستفزاز والتحدي : تخفت نشاطية هاته التيارات..ولا شك أن ـ الطموح الأعلى للإسلام ـ يعوقه شيوع نمطية ساذجة عن الإسلام، تحصر رسالته في الخصوصية تارة وفي الأصالة والثرات تارة أخرى.


16ـ  لقد أثبتت التجربة أن من غير الممكن معالجة هاته القضايا من خلال جماعة بعينها تكبر وتكبر سنة بعد سنة لتصبح هي الأمة كلها ..أو تبدأ بتحرير قطر بعينه: لتصبح هي الدولة ..فترسل الجيوش لفتح بقية الأقطار: وتوحد الأمة في دولة موحدة..فالمعالجة يجب أن تأخد بعين الإعتبار هذه الحقيقة بل وتبدأ منها فلا تقع في الوهم...وإن ما يمكن أن يحقق إن استعصى مفهوم التضامن أن يثبت رأي عام في طلب التضامن والوحدة وردم الفرقة، لكن يتطلب الأمر هنا : اتباع سياسات دقيقة وحكيمة تطـفئ نيران الخصومات الداخلية ولا تصب الزيت على نارها....وهذا ما يفرض لكي تكون مسألة بناء أوسع  جبهة شعبية في قلب كل مشروع نهضة  ..مما يقضي بالبحث عن صيغ مناسبة لتمثيل المجتمع حقيقيا في واقعه الراهن.


17ـ  وقيمة قوة الإسلام هو أنه لم يحدد أشكالا تنظيمية، بل تركها للجميع لكي يبحث حسب كل زمان ومكان عن الشكل التنظيمي المناسب،أي الضوابط العامة للإشتغال.


18 ورسالة الإسلام مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور ريادي في هذا المعترك لقدرتها على انتشال الإنسان من كل أشكال الإستلاب بعد « تحريره » : « إخراجه من العبودية للمخلوق إلى الحرية في الخالق ».. »وتنويره » : »إخراجه من الظلمة إلى النور  .


19 وانتصار الأمة الإسلامية في معركة الإحتواء الحضاري رهين ـ بعد نصر الله وتوفيقه وحفظه ـ بمدى رشد طـليعتها المتمثلة في الدعاة..أي بمدى قدرتها على أن تكون في مستوى الإسلام إدراكا لحقيقته وآدابه وحكمته، وامتثالا وعملا بتلك الحقيقة وتلك الآداب.. ومدى إدراكها وفقهها لسنن التغيير الحضاري ..وإقامة الحجة على أبناء العصر بلغة العصر.. وواضح أن إقامة الحجة ينبغي لها ـ بالإضافة إلى العلم بأصول الدين وآداب الدعوة ـ العلم بمواطن الداء والخلل في جسم الأمة وترتيب الأولويات في عملية علاجه..إذ أن كل تقديم أو تأخير أو إستعجال أو تلكؤ أو خور يترتب عنه اضطراب..فيفسد الدعاة من حيث أرادوا أن يصلحوا ويسيئون من حيث أرادوا أن يحسنوا .


20 ـ  إذ يتطلب من الرافضين جبهة التغريب البحث عن صيغة مناسبة لتوحيد المجتمع.. بما في ذلك أغلبية القوى الإجتماعية التي انتسبت إلى الحداثة الغربية ، وتغربت في حياتها وفكرها وواقعها الإجتماعي والإقتصادي.


21 ـ  فالمدافعين عن الإسلام لاينقصهم غالبا الحماس والإخلاص وإنما ينقصهم عمق التجربة وحسن الفقه...وإن الإستعجال كان وراء متاعب كبيرة وخسائر ثقيلة للدعوة الإسلامية بل ربما زاد خصومها تمكينا وضراوة..فما موقف المسلم في هذا العصر الذي تطورت فيه الحروب فانتظم جهازها في كل شيء، وتوقح فيه الأعداء حتى قرروا نفض أيديهم منا والبناء على أنقاضنا؟


22 ـ فالحضارة فعل تركيبي قوامه الإنسان+التراب+الزمن :الإنسان باعتباره كائنا إجتماعيا والتراب بخضوعه لضرورات فنية معينة.. والزمن بإدماجه ضمن العمليات الإقتصادية والإجتماعية والصناعية ، ومن هذه العناصر تتحقق الحضارة .


23ـ وإن هناك معنى عاما للحضارة: يفهم من مدلول الكلمة نفسها: وهو جملة مظاهر الرقي المادي والعلمي والفني والأدبي والإجتماعي...وهناك ثلاث مستويات للمفهوم الإسلامي للحضارة : ــ الفقه الحضاري ــــ السلوك الحضاري ــ البناء الحضاري .


24 وما نظرية وحدة الحضارة إلا رأي خاطئ....أوحى به مظهر الحضارة الغربية.. 


25 وإنه لمن الخطإ أن نظـن أن سقوط حضارة الغرب يعني حتما صعود الحضارة الإسلامية: فليس من أخلاق المسلم أن ينتظر سقوط الحضارات والثقافات.. بل يجب أن يبذل كل ما في وسعه من أجل إنقادها وردها للطريق الصحيح بكل ما أوتي من إمكانات...وإن خطاب كثير من دعاة هداية الناس يقتصرون في غالب الأحيان على المجتمعات التي تنتمي تاريخيا للإسلام مع الإغفال الشبه التام للمجتمعات البشرية الأخرى.


26 فالبحث يجري في عالم اليوم عن إنتاج هوية ذات صبغة كونية :حيث تكتسب بهاته الصفة قدرا أكبر من الشرعية، وعليه فإن هاته الهوية الكونية : هوية ملاقات الحضارات:لا يمكن أن تكون في الحقيقة إلا هوية سفلى ::لأن الثقافات لاتسير نحو الإنصهار بل تنحو نحو القطبية.


27 ويجب ان نعترف بأن نسيجنا الفكري والتكويني يتحـطم داخلنا وإننا ـ كمسلمين ـ نبتعد عن الهيكل الـبنائي الثقافي الذي تقوم عليه الذات العربية الإسلامية، وإننا لانواري ذاتيتنا الحضارية فقط ،وإنما نحاول أن نمحوا معالم هاته الذات وينابيعها .. وتخلف العالم الإسلامي ليس في فقره ، ولكن في تبعيته الحضارية.. وفي اغتصاب خيراته ليكون في موقع الحاجة الدائمة : وذلك بتدمير الخصوصية الحضارية للذات الإسلامية ، وإعادة صياغتها ضمن قوالب غربية.


28 والإسلام دين موجه لكل البشرية، ولا يمكن له بهذه الصفة أن يكون عامل تصادم بين الحضارات بعد أن كان :مستوعبا لما صلح من الحضارات السابقة. 


29 وإن الحضارة الإسلامية ليست تراثا من ثرات.. وليست حلقة منفصلة من حلقات التاريخ ،وإنما هي الماضي الذي يعيش فينا.. والحاضر الذي نتفاعل معه.. والمستقبل الذي يصنع منا .. وإن تجديد بناء صرح الحضارة الإسلامية لتستأنف دورتها التاريخية وتواصل عطاءها الإنساني الخير، لابد وأن ينطلق من عقيدة راسخة، ومن اقتناع عميق بضرورة التغيير العقلي الرشيد ، وبوجوب القيام بعملية نقد ذاتي : لاستبصار سبل الرشد الحضاري، ولمعرفة ما يستوجبه منا العصر من حركة فاعلة مؤثرة ...فليس ثمة من سبيل للنهوض بالحضارة الإسلامية إلا امتلاك وسائل الإنطلاق الواعي والمتفتح والمسؤول : على هدي من ثوابتنا الحضارية ومتغيرات الحاضر وإحتمالات المستقبل ..وما من حضارة وهي تتحدى على الدوام لتبقى، فإذا لم تتحد تراجعت وتضاءلت وانهارت مثلما انهارت حضارات قامت وسادت ثم بادت .وما من تحد حضاري إلا ويواجه بتحد حضاري متوازن معه..فهل نحن في المقام الذي يهيئ لنا أن نرد التحدي الحضاري الذي يواجهنا اليوم بتحد مماثل؟؟؟


30وقد أصبح لزاما على كل مهتم بالحوار الديني اليوم ... :الإطلاع على القيم الإسلامية في مصادرها الثابتة وعلى تاريخ الإسلام الحضاري الذي رسخ تلك القيم في مجتمعاته لاسيما المجتمعات التي اخـتلط فيهـا المسلمـون بغير المسلمين.... والحـوار بين الأديان يجـب أن ينطـلـق من المعـرفة الصـحـيحـة والحـكـمـة والـتبصر والتواضع لأن الإسـتعلاء والكراهـية والتعصب هم أعداء كل حوار هادف وبناء .


31 فعلينا أن ننظر عاليا وبعيدا لنخـطط لحركة الإسلام، ونقودها في ساحات الجهاد، يجب أن نصحح المنطلق لئلا نتشتت على سطح الأحداث،آن لأمتنا أن تطمح طموحا عالميارغم قصورنا الحاضر وانهزامنا الحضاري المؤقت.


32 فلابد من إعادة ترتيب للعقل الإسلامي المعاصر: حتى يتمكن من تحقيق النظرة الكلية للأشياء ، والقدرة على تصنيف المشكلات ووضع سلم منضبط لقضية الأولويات، وتوفير الجهود والطاقات، وتوجيهها إلى المجالات المجدية من خلال الصورة العالمية بكل تعقيداتها وتشابكها ، وتطوير وسائل الدعوة إلى الله بما يقتضيه الحال ، واختبار الأسلحة القديمة، لأن بعضها أصبح يتحرك في الفراغ، يصول ويجول في معارك وهمية..لقد تبدلت مشكلات العالم، وتبدلت أسلحته ونحن مازلنا نصر على مواجهة المشكلات الجديدة بالأسلحة القديمة...فلا بد من إنتهاء أحلام اليقظة من حياتنا، والوصول إلى اليقظة الحالمة،بكل مقوماتها : إن الجيل المسلم اليوم أحسن الدخول في سن التمييز لكنه إلى الآن لم يخرج منه، للإنتقال لمرحلة الرشد.


33 فلا شك أن التحدي المرجعي يتطلب الإستهداء بقواعد النظر والكليات المنهجية التي أصلتها الرؤية القرآنية، وتستدعي الوعي الد قيق بالمستجدات والمتغيرات التي تطرحها حركة الأفكاروالنظم المعرفية في عالم الإسلام بامتداداتها العالمية.. ويفرق القرآن بين النقد العلمي الشامل والكشف الثقافي عن زيوف الأفكار والمعتقدات في المستوى البياني العام،وبين الرصد الموضوعي والميداني لحركة هذه الأفكار والمعتقدات في الواقع...مما يستوجب تعددا وتنوعا في أساليب التعاطي مع هاته المنظومات وتجلياتها في الواقع.....ويلح القرآن ويدعو الى التفاعل الميداني، والتكيف الإيجابي مع التوازنات الفكرية والإجتماعية الخارجية والداخلية،وإلا كانت الفتنة والفساد الكبير....كما يستشير الخطاب القرآني المرجعيات المخالفة، ويدعو حملة الأفكار والمعتقدات الأخرى إلى البرهانية والعلمية كقاعدتين للتفاكر والتحاور..ومن موقع هذه المدركات يدعو إلى التوافق على الكلمات السواء، فالكلمة السواء مفهوم قرآني مفتوح على مفردات الحق والمصلحة.... فبالكونية القرآنية نعيد لحركية الإنسان معناها الروحي ومغزاها الفطري،حيث الكدح من الشهود إلى الغيب..وبالكونية القرآنية يستعيد الإنسان ثنائيته الضائعة باستعادة شطره الذبيح : شطر الروح  وتحريره من سلطـة السوق والشهوة.


34 ويقول القرآن بالتطورليبين لنا أن خلق الأطوار له غايةهي بعينها: إخراج الطور الروحي من الطور الجسدي.. وإفناء هذا الجسد بالموت يحرر الكائن الأخروي،ومن ثم يبعث هذا الكائن الروحي في عالم خاص به ولهذا لايمكن أن يومن المسلم حقا  بالبعث حتى يومن بالتطور :إذ لايمكن أن يخلق الطور الأخروي إلا بالتطور الخالق..وإن الله يشرح لنا هذا ليقول لنا بأن الوعي بالأهداف التي تسعى إليها الصيرورة والتطور يحتم علينا الشعور بالواجب ،وهو مسؤولية الإنسان التي سيحاسب عليها أمام ربه،..وهكذا تبين أن القرآن علمي النزعة،بل هو أول المبشرين بالمنهج الطبيعي..ولو كان للإنسان نظر في القرآن لتبين له أهم المبادئ التي تقوم عليها العلوم المادية المعاصرة، وأن هذا المبدأ هو أول مبادئ المعرفة،وإن القرآن عندما يدعونا للفكر يقدم لنا العموميات في ثوب الخصوصيات.. وتهلك الأمم في التاريخ الحضاري فيقول إن هذا الهلاك له سنة..وهكذا لم يفرط القرآن في شيء{مافرطنا في الكتاب من شيء} كي لاتكون للجاهلين حجة، وقد آن الأوان أن ننظر في كتاب الله العزيز بنظرة مختلفة لنعرف الطريق الحق إلى الله سبحانه .


35 فقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم ليكون القرآن معجزة العلوم الكونية لزمن كوني لايعلم نهايته إلا الله: حيث سيكون الإنسان أمام أسئلة لا إجابات عنها دون الإستعانة بالقرآن الكريم، وهذا هو الإعجاز الذي سيكتشفه العلماء ولو بعد حين من الدهر.


36فالإصلاح  في الإسلام يبدأ من كل شيء لكن بإصلاح النفس أولا : إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
والسياسة وحدها غير كافية للإصلاح بالمعنى القرآني الكامل.. وغالبا ما تبدأ الأحزاب بالدفاع على المبادئ لتنتهي بالدفاع فقط على المصالح..وتنفي الواقعية السياسية مبادءها الأولى.. لهذا فالإصلاح بالإسلام يجب أن يكون إصلاحا بالقرآن كله وبالسنة كلها و بكل استيعاب لهويتنا الحضارية ماضيا وحاضرا ومستقبلا.. وللإنسانية كلها..مما يعني توظيف كل الحق وكل الخير لخير الإنسانية جمعاء..وهذا يحتاج لنهضة حضارية كاملة غير منقوصة ..وإلا لن نتحدى أزمتنا إلا بالإصلاح نفسه كأزمة.. وسنظل ندافع على فهمنا الذاتي للإسلام لا على كل الإسلام.. وتجاوز هذا لن يتم إلا بالعمل قرونا كما تخلفنا قرونا..وقد بدأنا من قرون.. فآن لنا أن نجني كل هذا التراكم الإسلامي المصلح.. لكن بكل علمية.. وبكل وعي بكل المتغيرات والثوابت.. فحلكة أزمتنا القاتمة اليوم تبشر بشعاع الفجرالقريب الذي أصبحنا نراه ولو بالمكبرات.. وبالرغم من كل إلتباسات ربيع العرب..
فقد آن أن نكون حقا مسلمين .
وقدجمعت هاته المبادئ من ثلة من كبار أدمغة الفكر العربي : إلا المبدأ الأول والمبدأ الأخير فهما لمؤسس المدرسة:
ويقول الله سبحانه و تعالى في سورة النساء آية 61 :
« ألم تر إلى الذين « يزعمون أنهم آمنوا » بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن  يتحاكموا إلى الطاغوت  وقد أمروا أن « يكفروا به »، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا، وإذا قيل لهم « تعالوا إلى ماأنزل الله وإلى الرسول » رأيت « المنافقين » يصدون عليك صدودا »
« أفحكم الجاهلية يبغون ؟ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟ »صدق الله العظيم

سابعا :من خصائص فقهنا الحركي :إضغط رجاء

من خصائص فقهنا الحركي:

فقه التنظير الحركي أو الفقه الحركي في مدرستنا : فقه إسلامي له أهداف عديدة أهمها :
1/هندسة وتطبيب الحركيات الإسلامية بكل مذاهبها .
2/ خلق إستراتيجية علمية مستقبلية: للمذهبية الإسلامية عالميا .
وتتمثل خصائصه الأولية: نحو حركية علمية عالمية: في :
أن تكون حركيتناالإسلامية :
1ـــ ربانية : أي مخلصة لله تعالى
2ـــ شاملة : بمعنى مهتمة بكل المجالات ..ومومنة بالقرآن كله سنيا: وبتفتح على كل مذاهب وعلوم الإسلام بل وكل ما حق من علوم العصر..
3ـــ اقتصادية : تهتم بالجانب المادي للأمة بتركيز على الإقتصاد الإسلامي كبديل مستقبلي
ـ4ــ منظمة : أي ذات منطق تنظيمي وتدرجي
5ـــ تنموية : أي تهتم بتنمية الموارد البشرية والمادية
6ـــ متطورة : مهتمة بالتطور والإزدهار والتقدم دون رجعية تقليدية ولا ماضوية رافضة لكل تجديد علمي أو تطور
7ـــ نظامية : لا تسعى للفتنة أو الإرهاب بمعناه القدحي :بل مومنة بالتغيير السلمي والعلمي الإسلامي بكل تدرج
8ـــ أكاديمية : باحثة بعلمية في كل مجالاتها وغير أحادية
9ـــ علمية : مهتمة بالعلوم بكل أصنافها
10ـــ إنسانية : متدافعة لخير الإنسانية جمعاء
11ـــ دعوية : داعية بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل الحسن للقرآن كله والسنة كلها ولكل ماصح من علوم إسلامية ولله أولا وأخيرا
12ـــ تكوينية : مهتمة بالتكوين في كل مجالاتها
13ـــ أصولية : لا تتناقض وأصول الشريعة الإسلامية
14ـــ معاصرة :لا تنبذ مظاهر الرقي الحضاري
15ـــ تقدمية : تسعى إلى تقدم الإنسانية في كل المجالات
16ـــ متفتحة : غير منغلقة على العلوم الدينية فحسب
17ـــ تربوية : تتبنى التربية الإسلامية بكل حضارة
18ـــ تثقيفية : تحاول أن تلقن المسلمين كل أبعادها
19ـــ نقدية للذات : أي مصححة لأخطائها بالمعارضة والمراقبة والمحاسبة والشورى والنصيحة والحوار
20ـــ استيعابية : أي تخلق إطارا يستوعب كل العاملين باسم الإسلام
21ـــ مؤسساتية : تهتم ببناء دول المؤسسات  الإسلامية
22ـــ شريعية : تسعى إلى خلق ظروف تطبيق الشريعة للحكم بها بكل تدرج
23ـــ حاكمية : تنادي للحكم بما أنزل الله تدريجيا ..وعلى المدى الأبعد :وهذا لهزيمتنا اليوم وعلى كل الواجهات أمام المدارس الغربية المنظمة تقريبا لكل العقل العالمي: وبالتالي المنظمة وبالعصا والجزر: لجل أنظمة البلدان عالميا.
24ـــ ملتزمة : بكل الآداب الظاهرة والباطنة للمسلمين
25ـــ كونية : ذات فلسفة وجودية كاملة منبثقة من القرآن الحكيم الذي يشمل كلامه كل الأكوان
26ـــ وحدوية : تحافظ على تماسك ووحدة الجسم الإسلامي كله بقبول إختلافنا دون خلاف فاختلافنا اختلاف تنوع وتكامل لا خلاف تضاد
27ـــ شعبية : تهتم بالطبقات الشعبية كلها
28ـــ إصلاحية : لا تومن بالثورة بل بالقومة السلمية: داخل المجتمعات الإسلامية..وبالإصلاح العلمي التربوي : لكن بكل تدافع .

29ـــ غير إقصائية : لا تومن ببرامجها فقط بل تسعى لاحتواء كل البرامج الإصلاحية
30ـــ تبليغية : تبلغ لكل الناس دين الله الحق
31ـــ بعيدة التخطيط : بحيث تكون لها أبعاد ونظرات بعيدة المدى في كل برامجها
32ـــ قصيرة البرمجة : أي يكون إصلاحها مبنيا على الأولويات العاجلة
33ـــ وسطية : غير متطرفة ولا غالية في مواقفها ومعتدلة تسعى لسياسة اعتدالية
34ـــ حرة : مما سوى دستور القرآن الكريم سنيا وكل ما لا يناقضهما
35ـــ تحررية : تسعى لتحرير نفسها والمسلمين
36ـــ تحريرية : تسعى لحرية كل الناس وفق المنهج القرآني
37ـــ قرآنية : تسعى للعمل بكل القرآن
38ـــ سنية : تدعوا للسنة الشريفة علميا وفكريا
39ـــ سننية : تومن بكل القوانين الكونية التي تثبتها كل العلوم الحقة
40ـــ تدريسية : تسعى إلى تدريس بدائلها كلها والتدافع بها علميا .
41ـــ تعريبية : تهتم بإتقان اللغة العربية من طرف كل المسلمين وتعليمها لغيرهم أيضا.. ودون إهمال للغات الأخرى وعلومها
42ـــ غير عنصرية : لا تومن بالسمو العرقي بل : كلكم من آدم وآدم من تراب
43ـــ بيئية : تهتم بالبيئة الجغرافية كلها وللبشرية جمعاء
43ـــ خيرية : تهتم بالمجالات الخيرية وإعانة كل المحتاجين والمعطلين
45ـــ جمعوية : واعية بالعمل جمعويا في المجتمعات المدنية
46ـــ تجديدية : غير جامدة بل مجتهدة
47ـــ إعلامية : لها سياسة إعلامية تبليغية دعوية هادفة .
48ـــ فنية : تهتم بالفنون الهادفة كلها
49ـــ رياضية : لها تخطيط لتقوية أبدان المسلمين بكل أنواع الرياضات
50ـــ صامدة : تسعى إلى كل أنواع القوى للصمود ضد الأعداء

51ـــ عسكرية : تسعى إلى التفوق العسكري على اليهود خصوصا وكل معسكراتهم العالمية على المدى الأبعد
52ـــ مكتفية بالذات : ليست عالة على الغير وتسعى للتحرير الإقتصادي للأمة
53ـــ واقعية : علمية وعملية في التخطيطات والدفاع عن المصالح  وبنهج إسلامي تدرجي 
 54ـــ مثالية : في الدفاع عن الأخلاق والمبادئ والقيم
55ـــ مسجدية : تسعى لإعادة المسجد للعب أدواره ومهامه كاملة .
وكل هذا :نحو:{حركية وحدوية} :
فهناك العديد من الآيات الحاثة على وحدة المسلمين منها قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا . وقوله تعالى : وأن هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ..
مما يعني أن إلغاء وحدة الأمة والذي يعني التفرقة بأي إسم : يعد تعطيلا للعديد من الآيات القرآنية ومستلزماتها: من فرائض ونوافل مرتبة في العديد من الأحاديث والآيات ، وقد أدى هذا التعطيل إلى تعطيل العديد من مبادئنا كمسلمين كــ :
ــ مبدأ الأمة الواحدة : وهو وجود كيان واحد للمسلمين : ينظم كل بلدانهم في إطار واحد: كما كان هذا في صدر الإسلام وبعده : لحد انذثار الخلافة العثمانية ..
ـــ مبدأ اليد الواحدة : فقد كانت قوة المسلمين متماسكة كلها ضد أعدائهم: في حين نجد عكس ذلك حاضرا ولحد انطباق قول الله تعالى علينا : بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى .
ـــ مبد التعاون : كما يمليه قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول..
لكن وللأسف فإن الآية اليوم بعكسها نسيس ونتسيس..
ــ مبدأ الأخوة في الدين : كما يوصي بذلك الرسول صلوات الله عليه استنادا للعديد من الآيات كما بقوله صلى الله عليه وسلم :  المومن أخ المومن لايحقره ولا يخذله ولا يسلمه . وقوله تعالى :  إنما المومنون إخوة . في حين نجد أن المسلمين لم يعودوا يحافظون على الأخوة حتى في معناها الدموي الضيق.
ــ مبدأ التكامل : وهذا لن يتم إلا إذا كان هناك وعي كبير بالحركية في إطارها الشامل... وحدد كل من الحركيين مهمته بكل توافق مع الآخر: حتى لاتتصادم المواقف فنقوم جميعا بنفس المهمة..وبسطحية مقيتة كما حالنا مع دعاة التبسيط لحد الكفر بجل العلوم الإسلامية .
وفقدان هاته المبادئ الخمس كان كافيا لهدم كل القيم الإسلامية الأخرى.. والنزول بالأمة إلى أرذل مهالك الشتات والفرقة والتناحر والتكالب على الأموال والفتن الدنيوية كلها .
ولهذا فإن أي بناء إصلاحي لايعي أهمية الوحدة والتلاحم بين المسلمين لإرجاع الأمة إلى قيمها يعد قاصرا، والكلام على الوحدة دون الحديث على هاته المبادئ الخمس يعد واهيا..أما وهم :أن في مقدور أية حركة قطرية مهما كان حجمها لم هذا الشتات : عبرالصراع السياسي: فيجب أن ينذثر من حركاتنا : والتي يجب أن تسعى إلى تفعيل الوحدة فيما بينها أولا :

الشتات الذي نلمسه اليوم بين المسلمين وفي المجتمعات الإسلامية بأحزابها العلمانية والإسلامية : التائهة اليوم بين التموقف والشعارات والسياسات القاصرة عن تقديم ولو مسودة بديل أولي ،فكيف بالمشروع العملي والحضاري ؟
والله أعلى وأعلم..